ليلة الدخلة للمتزوجين في الإسلام (المباح في العلاقة الحميمية للزوجين)

أ / آية أحمد زقزوق

تعتبر الشريعة الإسلامية منهج متكامل للحياة، فلم تترك كبيرة ولا صغيرة إلا ونافشتها ووضحتها، بل وتعتبر العلاقة الزوجية أهم الموضوعات التي ناقشتها الشريعة ووضعت خطوطها العريضة، لضمان حياة كريمة للزوجة وقوامة كاملة للرجل، ولتأسيس بيت مسلم قائم على المودة والرحمة والسكينة، وتنشئة أطفال أسوياء نفسيًا وصحيًا، فما الزواج إلا إصلاح للمجتمع وللنفس.

ليلة الدخلة للمتزوجين في الإسلام

تمثل ليلة الدخلة بداية لحياة جديدة، عهد وعقد يكتب بين الشريكين، فلا بد أن يكون واضح ومبني على حب كبير ومودة واحترام متبادل .

فلم يتوقف الأمر عند علاقة جسدية ولا عند شهوة لحظية، فالأمر أكبر وأعظم من ذلك، كما وضحه الله تعالى، فالزواج رباط وارتباط أقل ما فيه التقاء الجسد.

أما هو ارتباط أرواح وقلوب وعقول، فيجب أن تكون الزوجة حريصة على مكانة زوجها، وعلى كرامته وتحفظ سره وعرضه وتنفذ أوامره، وتعاونه على البر والتقوى وتحقيق ذاته.

كما يجب أن تأخذ عهد على نفسها أن تكون خير زوجة وتعمل على تنفيذ أوامر النبي صلى الله عليه وسلم، حين أوصى بأن أن لا يرى الزوج من زوجته إلا ما يسره، فتكون دومًا طيبة الكلام وطيبة الرائحة وطيبة القلب، وتكون هادئة وناعمة فالزوجة سكينة وراحة وركن آمن يلتجأ له الزوج دائمًا.

ربما لا يكون هذا هو الكلام المعتاد عن ليلة الزفاف أو كما تعرف في بلادنا بليلة الدخلة، بل يكون الكلام كله عن العلاقة الجسدية وكأن هذا هو محور الكون، مما يجعل المجتمعات تعاني دائمًا من المشاكل، نتاج عدم الفهم والوعي الكامل حول الزواج.

إذ ما يتعلمه الزوجان قبل الزواج هو كيفية إمتاع الآخر جسديًا، متناسين أن هناك أمور أعظم من ذلك وأن هناك ما يجب تعلمه والوقوف عنده، فالعلاقة الجنسية لا تحتاج تعليم فهي فطرة، بل ما يجب معرفته هو المباح والغير مباح حتى لا يتعدى أحد حد من حدود الله عز وجل.

أما عن الزوج فعليه أن يدرك معنى القوامة جيدًا، فالرجل لا يهين امرأة، ولا يقلل من شأنها، ويعينا على بر أهلها، وعلى محبة أهله .

ويساعدها أن تكون جميلة وناعمة طوال الوقت، ولا يغضبها، ولا يسمعها ما يحزنها، ولا يجعلها في بيته خادمة، بل ملكة تليق به وبرجولته وبعقله الراجل وقوته.

فالقوامة تعني العقل والقوة، كما يجب عليه أن يبتسم في وجهها، وإن رآى ما يكره تغاضى، وعلمها ما يحب، وحتى وإن كان غير مقتدر ماديًا بما يكفي، يشعرها بأنه لو ملك لجلب لها العالم بأكمله.

ومن أهم قواعد الزواج الناجح، أن لا يخرج الزوجين سرًا بينهم، ولا يعرف أحد شيء عنهم، فالعلاقة الزوجية إن دخل فيها ثالث فسدت، حتى وإن روى الزوج شيء حسن أو الزوجة فربما ينظر لهم أحد مريض القلب فيحسد أو كاره فيحقد، أو في نفسه شيء ويعجب بأحدهم فيدخل الشيطان.   ليلة الدخلة للمتزوجين في الإسلام

شاهد: طريقة الاهتمام بالزوجة في العلاقة الزوجية

المباح في العلاقة الحميمة للزوجين

تعتبر العلاقة الحميمة أحد أسرار الزواج الناجح، لأنها تعبر عن الحب، وتمنح الطرف الآخر شعور بأنه مرغوب ومحبوب من قبل شريكه .

لذلك يجب معرفة قواعدها وأسسها، فكما وضحنا أن الشريعة ناقشت هذا الأمر جيدًا ووضحت ما هو مباح في ليلة الدخلة للمتزوجين في الإسلام، والذي يتمثل في:

أحل الله للزوجين الاستمتاع بالعلاقة الحميمة، فيما لا يخالف الشرع، ولا يتعدى حدوده، فأحل الله أن يجامع الزوج زوجته برضاها، وبعد مداعبتها وترغيبها في العلاقة، وأن يفعل كل ما يريد دون أن يسبب لها حرج أو جرح نفسيًا، أو ألم جسديًا.

أمر الله الزوج أن يرغب زوجته في العلاقة، حيث قال وقدموا لأنفسكم، وذلك في سورة البقرة:

نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا۟ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا۟ لِأَنفُسِكُمْ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّكُم مُّلَٰقُوهُ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ [1]

ليلة الدخلة للمتزوجين في الإسلام

شاهد أيضًا: متى تغتسل المرأة بعد العلاقة الزوجية

الأفعال المحرمة في ليلة الدخلة للمتزوجين

يعمل الإسلام دومًا على حفظ الحقوق وعدم انتهاك الحرمات، وعدم التعدي على الغير، فوضع القوانين والمعايير التي يجب أن يلتزم بها المسلم، ومن بينها حدود العلاقة الحميمة بين الزوجين، وتتمثل المحظورات التي وضعها الدين في:

الجماع في فترة الحيض 

لا يجوز أن يجامع الرجل زوجته في فترة الطمث [الدورة الشهرية]، حيث إن هذا أذى يضر به وبها، ويعرضهم لمخاطر بل ويكون على المسلم كفارة، إذا وقع في هذا الأمر، إذ يقول الله تعالى في نص قرآني صريح:

وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [2]

الوطء من الدبر 

يعد الوطء من الدبر كبيرة من الكبائر، ومنكر من المنكرات، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:

ملعون من أتى امرأته في دبرها [3]

إرغام الزوجة على ما تكره 

هناك بعض الأفعال الشاذة التي يرغب فيها بعض الأزواج، مما تسبب أضرار نفسية للزوجة، إذ كل ما تكره الزوجة في العلاقة يجب أن يبتعد عنه الزوج، وأن يحرص على أن تكون مستمتعة بوقتها معه، وأن لا يهملها ويهتم بنفسه، لأن عليه امتاعها وإسعادها.

التلفظ بأقبح الألفاظ 

يجب حفظ كرامة الزوجة في كل وقت وحين، فالتلفظ بعبارات لا تليق بها، ومن شأنها جرح كرامتها وخدش حيائها أمر مكروه في الدين الإسلامي، ولا يجب الإقدام عليه، كما أن هذا يقلل من هيبة الرجل ومكانته في نظر زوجته.

ليلة الدخلة للمتزوجين في الإسلام

شاهد أيضًا: اضرار عدم ممارسة العلاقة الزوجية فترة طويلة

وكل ما ذكر من محظورات ومحرمات، لا حرية فيه، فمن قدم عليه قد أَثم وتكون نتيجة هذا الإثم حياة غير سعيدة، وغير متكاملة، فما بني على باطل باطل .

ومن خالف شرع الله تعالى وتعدى حدوده فلم يجد إلا ضنكًا وفقرًا وضيق، أما من أتقى الله فرضوان الله عليه وبركاته، ومن أكرم زوجته أكرمه الله ومن عليه من فضله بما يتمنى وأكثر، ومن اكتفى بحلال الله كفاه ورضاه.

المراجع
  1. سورة البقرة (223)
  2. سورة البقرة (222)
  3. الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود الصفحة أو الرقم: 2162 | خلاصة حكم المحدث : حسن التخريج : أخرجه أحمد (10206)، والبيهقي في ((معرفة السنن والآثار))