شرح دعاء سيدنا موسى (رَبِّ اشرح لِي صدرِي ويسر لي أَمرِي)

شرح دعاء سيدنا موسى واحدًا من أهم أدعية الأنبياء الأكثر شهرة على الإطلاق، والتي يستخدمها العديد من المسلمين في الدعاء بها في أغلب مواقف حياتهم اليومية، فهو دعاء شامل وكامل، يتقرب به العبد من ربه طالبًا العون والرضا والعديد من الأمور.

كما أن أدعية الأنبياء بشكل عام لها طابع مميز في قلوب المؤمنين، فهي وسيلة الأقرب بها أكثر إلى الله عز وجل وطلب المغفرة والرضا منه، فلا يسعكم ترك الدعاء بشكل عام ولا ترك دعاء الأنبياء بشكل خاص.

ما هو دعاء سيدنا موسى

• بعث الله عز وجل سيدنا موسى عليه السلام إلى فرعون؛ كي يدعوه إلى عبادة الله وحده لا شريك له.
• فجاء الوحي بهذا الدعاء قبل ذهابه إلى فرعون وقال:

”رَبِّ اشرح لِي صدرِي* ويسر لي أَمرِي* وَاحلل عُقدَة مِّن لِّسَانِي* يَفقَهُواْ قَولِي* وَاجعَل لِّي وَزِيراً مّن أَهلِي* هَارُونَ أَخِي* اشدُد بِهِ أزري* وَأَشرِكهُ في أَمرِي* كي نُسَبِّحَكَ كَثِيراً* وَنَذكُرَكَ كثيرًا* إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً”.

شرح وتفسير دعاء النبي موسى

يستند شرح دعاء نبي الله موسى عليه السلام إلى العديد من الأمور التي بينها علماء الدين والفقه خلال الشرح كالتالي:

• بدأ النبي عليه السلام بقول” رب اشرح لي صدري” : في هذا الجزء من الحديث يدعو النبي الله سبحانه وتعالى ويرجو منه أن يجعل صدره واسعًا وقلبه ملئ بالنور والحكمة والإيمان، وذلك كي يتحمل أذى الناس وخاصة فرعون من قول وفعل، خاصة أن انشراح الصدر يحول المشقة في التكليف إلى راحة ونعيم.
• ( ويسر لي أَمرِي ): يدعو ربه في هذا الجزء من الدعاء أن يجعل كل أمره سهل، وكل خطوة من خطواته في الطريق ميسرة وسهلة، وأن يهون الصعاب والشدائد عليه.
• (وَاحلل عُقدَة مِّن لِّسَانِي يَفقَهُواْ قَولِي) :يطلب نبي الله موسى من ربه سبحانه وتعالى أن يكون لبق في الكلام، وأن يكون طريقة كلامه مفهومة بين الناس، وتحديدًا عندما يدعوهم إلى عبادة الله.
• وذلك لأن سيدنا موسى عليه السلام تعرض إلى حادثة في صغره، عندما قدم له فرعون الجمرة والتمر، وقالت له زوجته أنه لا يعرف الفرق بين التمرة والجمرة، فاختار موسى الجمرة ثم وضعها على لسانه.
• وعلى الرغم من ذلك فهو لم يطلب أن تزول بأكملها أو يتحدث بطلاقة، ولكن طلب أن يخفف عنه الله حتى يفهم الناس ما يقول، أي قدر الحاجة فقط.
• (وَاجعَل لِّي وَزِيراً مّن أَهلِي، هَارُونَ أَخِي) : أما في هذا الجزء من الدعاء فهو بين الغاية من أن يكون هارون وزيرًا أي سندًا له، وعونَا له أثناء الذهاب إلى فرعون والتحدث مع الآخرين.
• (كي نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذكُرَكَ كثيراً إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً): من المعروف أن “كي”في اللغة العربية تفيد السلبية، حيث يوضح نبي الله أن كل هذه الأمور التي دعوتك بها من أجل أن نسبحك كثيرًا ونحمدك كثيرا، التي تعين كل واحد منا على الدعوة.
• وتناول دعائه كل هذه الدعوات المميزة، ذات الأسلوب الراقي، والأخلاق الفضيلة؛ كي يكون العون من الله وحده وليس من أحد آخر.

يهمك أيضًا: أدعية تيسير الأعمال مستجابة

سبب اختيار نبي الله موسى هذا الدعاء

تتعدد الأدعية التي يتقرب بها سيدنا موسى عليه السلام من الله سبحانه وتعالى، ولكن كان لوقع هذا الدعاء على آذان كثير من المسلمين أمر مختلف، مما جعلهم يتساءلون عن سبب اختياره هذا الدعاء بعينه، وهو:

• بعث الله سبحانه وتعالى سيدنا موسى عليه السلام إلى فرعون، وهو معروف عنه أنه من الطغاة الذين مروا على التاريخ الديني.
• كما عُرف عنه التكبر والجبروت، مما دفع سيدنا موسى لطلب العون والسند أثناء الذهاب إليه، فقد كان خائفًا من مواجهته بمفرده.
• خاصةً مع وجود مشكلة في لسانه، فأراد أن يكون هارون أخيه عونًا وسندًا له، فهو أفصح منه لسانًا.
• فكانت هذه الآيات التي ترجمت إلى دعاء صريح إلى الله عز وجل السبب الإلهي في أن يشرح الله صدره، مما دفعه إلى الذهاب إلى ملك متكبر وأشدهم كفرًا في ذلك الوقت وأكثره جنودًا، الذي قال ”أنا ربكم الأعلى “.

اقرأ المزيد: دعاء لتسهيل الأمور الصعبة المستعصية مكتوب

أدعية سيدنا موسى

لم تقتصر أدعية سيدنا موسى عليه السلام على هذا الدعاء السابق، ولكن عُرف عنه الكثير من الأدعية في شتى الأمور ومنها:

• دعاء طلب الرحمة والمغفرة من الله –سبحانه وتعالى-: تتضمن أدعية كثيرة ذكرت في القرآن الكريم منها:

(رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي)، (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).

(إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ* وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ).

• دعاء لرؤية الله والتوبة إليه: ارد نبي الله أن يرى سبحانه وتعالى، فأوحى الله إليه أن ينظر إلى الجبل، فإن استقر مكانه فسوف يراه، ولما تجلى ربه للجبل جعله دكا، ودعا كليم الله وقال:

(رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ)، فقال الله -عز وجل-: (قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا).

• دعاء سيدنا موسى الله بالتوبة وقال: تنوعت أدعية كليم الله للتوبة ومنها:

(سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ).

• دعائه على قومه الظالمين: كانت من أبرز أدعيته على قومه الظالمين الجبّارين قوله:

(رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ).

• دعاؤه للاستعاذة من فرعون والمتكبّرين فقال:

(إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ).

• دعائه لنفسه: كان يدعو لنفسه بفضل المنة والكرم التي منحها الله عز وجل له، حيث قال:

(رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ).

وقال أيضًا: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ).

(رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).

أدعية قوم نبي الله موسى

عندما رأى قوم فرعون أي بني إسرائيل معجزة سيدنا موسى والعصا التي ألقيت في الأرض والتهمت عصيهم وحبالهم، آمنوا بالله وحده لا شريك له، و بنبي الله موسى، وكان من ادعيتهم :

• دعائهم عند تهديد فرعون لهم بالعذاب الأليم :قالوا

(قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ).

• دعائهم عند طمأنة سيدنا موسى لهم من فرعون وجنوده: قالوا

(عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ).

• دعائهم ورجائهم المغفرة من الله :

(إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ* إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ).

• دعائهم بالرحمة والمغفرة لعبادتهم اله غيره في السابق:

(وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ* وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ

قدمنا شرح دعاء سيدنا موسى بشكل مفصل مع بعض الأدعية الأخرى ويسعدنا استقبال كافة التساؤلات حول أدعية الأنبياء من خلال التعليق أسفل المقال.