حكم صلة الأرحام غير المسلمين بالمال

ماريهان أحمد

حكم صلة الأرحام غير المسلمين بالمال هل هو جائز؟ فصلة الرحم مفهوم أساسي لدى المسلمين وقد وضع الدين الإسلامي أحكامه لتكون واضحة ومُبينة للجميع، فتكون ممكنة بالكثير من الطرق بخلاف المال، فيمكن للمسلم أن يقوم بذلك بعدة طرق منها البشاشة أو الزيارة أو المال أو تقديم الهدايا، لكن إن كانوا الأقارب غير مسلمين هل يجوز صلتهم؟

حكم صلة الأرحام غير المسلمين بالمال

حكم صلة الأرحام غير المسلمين بالمال

من أفضل ما يتقرب العبد به إلى المولى عز وجل هو صلة الأرحام، فهي من الأمور المحببة إلى الله لذا وجبها على المسلمين، فقال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(مَن أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، ويُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) ،

فكان ذلك من الأمور المعروفة حتى قبل نزول الوحي وانتشار تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.

فقالت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها عندما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الوحي قد نزل عليه، قالت (كَلّا واللَّهِ ما يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ) فكان ذلك معروف عن رسول الله، لكن إن كان الأقارب والأرحام غير مسلمين فما هو حكم صلتهِم بالمال؟

فحكم صلة الأرحام غير المسلمين بالمال جائز والاستدلال من القرآن الكريم بقوله تعالى:

( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) .

معنى ذلك أن الله عز وجل لم ينهانا عن التعامل مع الكافرين ومعاداتهم إلا في ساحات الحروب، لكن يمكن العمل معهم ومشاركتهم في تجارتهم في حدود، ويسري ذلك على الأقارب والأرحام، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسماء رضي الله عنها:

( أتَتْني أمِّي راغبةً، في عَهدِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فسألتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أصِلُها؟ قال: نعم ) .

ففي ذلك الحديث سألت أسماء رسول الله أن تصل رحم أمها وسمح لها الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، وفي هذا دلالة قوية لحكم صلة الأرحام غير المسلمين بالمال أو بغيرُه من الطرق.

لا يفوتك أيضًا:  افضل دعاء عن صلة الرحم مكتوب

فضل صلة الرحم

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( يأيها الناس أفشوا السلام أطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام).

جاء ذلك بيانًا لأهمية صلة الرحم، فحكم صلة الأرحام غير المسلمين بالمال أو بأشكال أخرى جائز وفرض على المُسلمين لنيل الفضل العظيم من هذا، تتمثل فضل صلتك لرحمك فيما يلي:

1- علامة على الإيمان بالله واليوم الآخر

أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من يؤمن بالله واليوم الآخر يجب أن يلتزم بإكرام الضيف وصلة الرحم، فقد جمع رسول الله بين الإيمان بالله والإيمان بالبعث ويوم الحساب وصلة الأرحام، وذلك لعلو شأنها وعظمة أجرها.

حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(من كان يؤمن بالله واليوم الآخـر فليـكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت).

2- فيها طاعة المولى عز وجل

أمر الله عز وجل عباده بصلة الأرحام، لذا إن قام العبد بصلة رحمه ينال قرب المولى عز وجل، بالإضافة إلى الحصول على أجر مضاعف لاتباع سنة رسول الله صلى الله عليه لِما أمر المسلمين بصلة الأرحام حتى وإن كانوا غير مسلمين أو غير مُرحبين بتلك الصلة.

استدلالًا على هذا قوله الرسول صلى الله عليه وسلم:

( الرحم متعلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله).

لا يفوتك أيضًا:  افضل 80 حكمة عن صلة الرحم  اجمل عبارات عن صلة الرحم من ذهب

3- سبب لدخول الجنة

روى أبي أيوب الأنصاري أن رجلٌ سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:

(أنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أخْبِرْنِي بعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ، فَقالَ القَوْمُ: ما له ما له؟ فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أرَبٌ ما له فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: تَعْبُدُ اللَّهَ لا تُشْرِكُ به شيئًا، وتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وتُؤْتي الزَّكَاةَ، وتَصِلُ الرَّحِمَ، ذَرْهَا قالَ: كَأنَّهُ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ) .

فجعل الله عز وجل الأعمال البسيطة الواجبة على المسلمين طريق للجنة وتجنب النار، فأفضل ما يقوم به العبد من عبادة هو التوحيد بالله والإيمان بكل ما أنزل به من كتب ورسل، وبعد ذلك الحفاظ على الصلاة والزكاة وصلة الأرحام، وقد اقترنت صلة الأرحام بالصلاة والزكاة لقربها منه تعالى.

4- الحصول على إعانة المولى عز وجل

روى أبو هريرة أن هناك رجل قال:

(يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إليّ، وأحلم عليهم ويجهلون عليّ فقال: إن كنت كما قلت فكأنما تُسِفهّم المَلّ ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك ) ،

وفي ذلك دليل كبير على حكم صلة الأرحام غير المسلمين بالمال أو بأي طريقة أخرى.

فقد حث الرسول على صلة الأرحام عندما أكد على الرجل أن يستمر في صلة أرحامه الذين يعاملونهُ بحقارة وذل، لكنه أكد له أن جزائهم مثل من يُطعم الرماد الساخن، وذلك لشدة عذابهم لكن عليه ألا يقطع صلتهم ليزيد الله بذلك من ميزان صالح أعماله.

لا يفوتك أيضًا:   بناء العلاقات الأسرية وصلة الرحم

مظاهر صلة الرحم

حكم صلة الأرحام غير المسلمين بالمال

تختلف صلة الرحم بحكم العلاقة التي تجمع بينهما البعض، فكلما كانت العلاقة تمتلك جزء كبير من القريب تكون الصلة واجبة وأكيدة، حيث تشمل كلمة الأرحام كل الأقارب من جهة الأب والأم حتى وإن لم يكونوا جميعًا بنفس درجة القرابة.

فأكد ابن حجر الهيثمي أن الجيران والأصدقاء الصالحين والمعارف يدخلون في دائرة صلة الرحم ويمكن برهم ووصلهم والتعامل معهم بإحسان لنيل أجر عظيم، لذا يجب على العبد أن يصلهم بالطريقة التي تناسب أحكام الدين الإسلامي وتناسب طباعهم فتراعي أوضاعهم وأوقاتهم مع تجنب المحذورات.

الطرق التي أتاحها الدين الإسلامي الحنيف المُناسبة لصلة الرحم كثيرة ومختلفة، فيمكن بتقديم المساعدة المادية أو المعنوية والتعامل معهم ببشاشة.

أو تقديم النصائح، بالإضافة إلى زيارة المريض والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن خلال ما ورد في السنة النبوية سنوضح كيفية صلة الرحم فيما يلي:

  • صلة المسلم لمن يقطعها: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليسَ الواصِلُ بالمُكافِئِ، ولَكِنِ الواصِلُ الذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وصَلَها ) ، فإن كان نية العبد هي الحصول على رضا المولى عز وجل يزيد ذلك من أجره.
  • الإصلاح بين الأرحام: عند المعرفة بوجود خلافات بين الأرحام والتصدعات في علاقاتهم، يمكن صلة الرحم من خلال الإصلاح بينهم ونشر الطمأنينة في نفوسهم بشرط المحايدة والعدل بين جميع الأطراف.
  • حث الأرحام على طاعة الله: من خلال إرسال لهم الدعوات التي تحث على العبادة والتزايد في الأعمال الصالحة واتباع طريق الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
  • إخراج الصدقات على الأرحام: فقد أكد صلى الله عليه وسلم عليها في الحديث: ( إنَّ الصَّدقةَ على المسْكينِ صدقةٌ وعلى ذي الرَّحمِ اثنتانِ صدَقةٌ وصِلةٌ ) .

لا يوجد في القرآن أو السنة خلاف في حكم صلة الرحم، فهي واجبة في كل موضع ذُكرت فيه حتى وإن كانوا الأرحام من غير المسلمين أو يرفضون تلك الصلة.