قصة هود عليه السلام 

أ / مروة سامي الجندي

بعد انتهاء الطوفان ونزول نوح ومن معه من السفيه أخذ هؤلاء المؤمنون الذين نجوا معه يتزوجون ويأتون بأولاد وبنات حتى كثر الناس وغمرت الارض نبتت الزروع وتكاثر الحيوان والطير، وعادت الدنيا كما كانت قبل الطوفان ولما كثر الناس تفرقوا في الارض وسكنت كل قبيله في ناحية منها، وملكتها وعمرتها.

قصة هود عليه السلام

قصة هود عليه السلام 

ظهور قبيله عاد

ومن هذه القبائل الكثيرة كانت هناك قبيله تسمى عاد تسكن في جنوب بلاد اليمن بالقرب من البحر في وادي تحيط به المرتفعات الرملية وكانت الأمطار كثيره في هذا الوادي لقربه من البحر، كما كانت العيون تتفجر في أرضه وتسيل مياهها ولذلك كثرت فيه المزارع والحقول، والحدائق والمراعي وتكاثر الحيوان والطير وصارت هذه القطعة كأنها قطعه من الجنة.

جمال مدينه عاد

وقد بنى أهلها مدينه جميله كانت أحسن مدينه في الدنيا في هذا الوقت فقد كانت بيوتها مرفوعة على أعمدة ضخمة وطرقاتها فسيحة ومزينة بالحدائق والمتنزهات.

وكانوا يسمونها إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وكان هؤلاء الناس ضخاما عملاقة أقوياء الأجسام أشداء جبارين فبنوا الحصون والقلاع، وشيدوا مصانع لنحت الأحجار وعمل أسلحة وغيرها وطغوا وتكبروا لأنهم أقوياء لا يغلبهم أحد.

وكانوا يقيمون علامات المرور في الصحراء المحيطة ببلادهم ولكنها كانت علامات كاذبة الغرض منها ليس إرشاد الناس المارين إلى الطرق المأمونة بل كان غرضهم تضليل الناس ليضلوا في الصحراء ولا يعرفون الطريق وكذلك كانوا يخرجون لضرب الناس والإغارة عليهم بوحشية وقسوة، ولا يرحمون أحد.

قصة هود عليه السلام 

تعرف علي: كيف عاقب الله قوم صالح ؟ وما الذي فعلوه مع معجزة الناقة

عبادة قوم عاد للأصنام

وقد قاموا نحت الاحجار وجعلوها أصناما وقالوا انها ألهه كما كان الكفار من قوم نوح يصنعون، قبل أن يغرقهم الطوفان؛ لذلك أرسل الله إليهم سيدنا هودا وهو واحد منهم، لينهاهم عن عبادة الأصنام ويرشدهم إلى عبادة الله ويجعلهم رحماء بالناس فلا يؤذوهم ولا يقيموا العلامات الكاذبة في الطريق لتضليل المسافرين أو قتلهم وسلب ما معهم.

هود يدعو قومه للحق

ذهب هود إلى قومه فقال لهم  يا قوم إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون، وما أسألكم عليه من أجر إن أجري على رب العالمين.، قالوا وما الذي تريده منا يا هود؟ قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من ألله غيره أفلا تتقون.

قالوا: أجئتنا لنعبد الله وحده ونترك ما كان يعبد أبونا؟ قال يا قوم، أن الله هو الذي خلفكم وأعطاكم هذه الأرض بعد أن أهلك قوم نوح وجعلكم أقوياء احسان، وأمدكم بما تعلمون امدكم بأنعام وبنين، وجنات وعيون قالوا يا هود ألست رجلا منا؟ فلماذا اختارك الله علينا؟ قال وهل تعجبون الله أرسل إليكم وأحدا منكم، ليرشدكم ويعلمكم، حتى تتركوا الأعمال الرديئة التي تعملونها ولا تؤذوا الناس قال الملأ الذين كفروا من قومه أنا لنراك في سفاهة وإما لنظنك من الكاذبين.

قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين، أبلغكم رسالات ربي، وأنا لكم ناصح أمين قالوا يا هود ما جئتنا ببينة، قال: أني أشهد الله أنني صادق ، وألهتكم لا تستطيع أن تضر أو تنفع وأنا برئ منها ، لأنها أحجار وليست ألهه، وأنا أنصحكم فقط حتى لا يغضب الله عليكم فيهلككم ويعذبكم .

قالوا يا هود هل تهددنا بالهلاك والعذاب؟ فمن هو الذي يقدر علي قتالنا ونحن قوم أشداء وليس هناك أحد يغلبنا.

قال يا قوم، إن الله الذي خلفكم هو أشد منكم قوة فهو الذي أعطاكم هذه القوة وهو قادر على أن يأخذها منكم ويرسل عليكم الهم والدمار قالوا يا هود ، أذهب فقل لربك يرسل علينا هذا الخط الذي تهددنا به . وسنرى إن كان يقدر علينا أذهب يترجل فنحن لا نصدق هذا الكلام الذي تقوله وإن كانت لديك معجزة فأظهرها لنا، ونحن في انتظارك.

عرف هود أن الكفار من قومه لم يؤمنوا لأن قلوبهم أصبحت قاسية ، ويظنون أنهم  أقوى من الله ، وأنه  لا يقدر عليهم  !

ودعا هود ربه أن ينصره على قومه لأنهم كفروا وضلوا عند هذا حبس الله المطر عن قوم هود ومضت مدة طويلة لم تنزل فيها أمطار، حتى جف الزرع ومات، ولم تجد الأنعام والمواشي زرعا تأكله فهزلت ونقص وزنها.

وكان القوم يتلهفون على نزول المطر لأن المياه القليلة التي في العيون لا تكفي إلا للشرب ولا يوجد مياه لري ارض والأشجار والحدائق والحقول.

فذهبوا إلى ألهتهم وصلوا لها، ودعوا أن ترسل عليهم المطر بعد هذا الجفاف وكان هود يقول لهم يا قوم أمنوا حتى يرسل الله المطر وينجيكم من الذي أنتم فيه

وفي يوم رأوا سحابة سوداء عظيمة مقبلة في السماء نحوهم ففرحوا وهللوا؛ وقالوا هذه سحابة ممطرة، لقد استجابت ألهتنا لدعائنا، فأرسلت لنا هذه السحابة التي يتم الوادي ماء وتروي الحقول، وراحت جماعة تحرث الأرض، وتبذر الحبوب في انتظار المطر الغزير الذي سينز، وراحت جماعة أخرى تقول لهود أين إلهك يا هود؟ لقد كنت تقول أدعوه لينزل عليكم المطر.

فها ذا المطر قد أقبل في هذه السحابة العظيمة، وإلهك لم يصنع شيئا بل إن ألهتنا هي التي أرسلت لنا السحابة الممطرة وراحت جماعة ثالثة ترقص وتغني أمام الألة.

قصة هود عليه السلام 

هلاك قوم عاد

وبينما القوم في فرحتهم ذهبت رياح شديدة عاصفة تحطم الأشجار وتكسر الأسوار وتكفئ القدور والأواني وتحمل الحصى والرمال ، فتضرب بها وجوه الكفار وتعمي عيونهم ، وكانت ريحا باردة تيبس الجلود وتجمد ايدي والأرجل والأذان والأنوف فصرخ الكفار، وانكفوا على وجوههم ولكن الريح لم ترحمهم.

استمرت تهب وتدوي سبع ليال وثمانية أيام حتى دمرت كل شيء وقتلت الناس والحيوان، وأهلكت الزرع والثمار وخربت هذه الأراضي العامرة ، فلم يعد فيها إن جذوع الأشجار المهشمة ، إلا هود فقد نجاه الله منها .

وكل شيء قد انتهى وزال ولم ما تبقى إلا البيوت الصخرية قائمة تقول هنا كان يسكن رجال عاد، أولئك الضخام الشداد الذين بنوا إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد.